شرح الأصناف الثمانية لمصارف الزكاة دليلك الكامل لعام 2025

مصارف الزكاة, الأصناف الثمانية, لمن تعطى الزكاة, مستحقي الزكاة, الفقراء

لزكاة ليست مجرد صدقة تُعطى، بل هي ركن الإسلام الثالث، وحق معلوم فرضه الله في أموال الأغنياء ليُرد إلى فئات محددة في المجتمع. إنها نظام مالي واجتماعي متكامل يهدف إلى تحقيق التكافل، وتطهير النفس من الشح، وتزكية المال. ولكن يبقى السؤال الأهم الذي يطرحه كل مزكٍ: “لمن أعطي زكاتي؟”. الإجابة على هذا السؤال ليست متروكة للاجتهاد الشخصي المطلق، بل حددها القرآن الكريم بوضوح ودقة لضمان وصول هذا الحق إلى مستحقيه الفعليين.

في هذا المقال الشامل، سنغوص في أعماق الآية الكريمة التي فصلت مصارف الزكاة، ونشرح الأصناف الثمانية لمستحقي الزكاة شرحاً وافياً، مع أمثلة معاصرة تساعدك على فهم كيفية تطبيق هذا الركن العظيم في واقعنا اليوم.

[صورة: رسم توضيحي يمثل الأصناف الثمانية للزكاة حول كلمة “الزكاة” في المنتصف، مع نص بديل: “شرح الأصناف الثمانية لمصارف الزكاة في الإسلام”]

جدول المحتويات (فهرس المقال)

  1. الآية الجامعة: دستور توزيع الزكاة في القرآن
  2. شرح الصنف الأول والثاني: الفقراء والمساكين (أهم مصارف الزكاة)
    • من هو الفقير شرعاً؟
    • من هو المسكين؟ وما الفرق الدقيق بينهما؟
  3. شرح الصنف الثالث: العاملون عليها (لضمان استدامة النظام)
  4. شرح الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم (لتقوية المجتمع المسلم)
  5. شرح الصنف الخامس: وفي الرقاب (تحرير الإنسان)
  6. شرح الصنف السادس: الغارمون (تفريج كربات الديون)
  7. شرح الصنف السابع: في سبيل الله (أوسع مصارف الزكاة)
  8. شرح الصنف الثامن: ابن السبيل (رعاية المسافر المنقطع)
  9. الحكمة من تحديد مصارف الزكاة
  10. أسئلة شائعة حول توزيع الزكاة

1. الآية الجامعة: دستور توزيع الزكاة في القرآن

أساس تحديد مستحقي الزكاة هو قول الله تعالى في سورة التوبة، الآية 60، وهي الآية التي تعتبر الخارطة الإلهية لتوزيع أموال الزكاة.

“إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”

هذه الآية حصرت مصارف الزكاة في هذه الفئات الثماني دون غيرها، مما يقطع الطريق على أي التباس ويضمن تحقيق أهداف الزكاة السامية.

2. شرح الصنف الأول والثاني: الفقراء والمساكين (أهم مصارف الزكاة)

بدأ الله بهذين الصنفين تأكيداً على أولويتهما القصوى. وعلى الرغم من أنهما يُذكران معاً، إلا أن هناك فرقاً دقيقاً بينهما اهتم العلماء بتوضيحه.

من هو الفقير شرعاً؟

الفقير هو الشخص الذي لا يملك شيئاً على الإطلاق، أو يملك مالاً قليلاً جداً لا يكفيه لتلبية أدنى متطلبات الحياة الأساسية (طعام، شراب، ملبس، مسكن). هو الأكثر حاجة وتعففاً، وقد لا يسأل الناس إلحافاً لشدة حياءه.

  • مثال معاصر: شخص عاطل عن العمل لا يجد قوت يومه، أو أرملة لا تملك أي مصدر دخل لإطعام أطفالها.

من هو المسكين؟ وما الفرق الدقيق بينهما؟

المسكين حاله أفضل من الفقير ولكنه لا يزال ضمن دائرة الحاجة. هو من يملك مالاً أو دخلاً ولكنه لا يكفي لسد حاجاته وحاجات من يعول. قد يكون لديه وظيفة براتب متواضع، لكن هذا الراتب ينفد قبل نهاية الشهر، ويجد صعوبة بالغة في تغطية تكاليف الإيجار والفواتير والطعام.

  • مثال معاصر: موظف بسيط راتبه 30,000 دينار جزائري ويعول أسرة، بينما تكاليف الحياة الأساسية تتجاوز 50,000 دينار. هو يعمل ويكسب، ولكنه يعيش في ضيق دائم.

هذان الصنفان هما حجر الزاوية في مصارف الزكاة، وتوجيه الزكاة لهما يحقق الأمن الاجتماعي المباشر.

3. شرح الصنف الثالث: العاملون عليها (لضمان استدامة النظام)

هؤلاء هم الأفراد أو المؤسسات الذين يكلفهم ولي الأمر أو من ينوب عنه (مثل الهيئات الخيرية الموثوقة) بجمع الزكاة وتوزيعها. يشمل ذلك:

  • الجباة: الذين يجمعون الأموال من المزكين.
  • المحاسبون: الذين يدونون ويحسبون الأموال.
  • القاسمون: الذين يوزعون الزكاة على الأصناف الثمانية.

يُعطون من مال الزكاة كأجر على عملهم، حتى لو كانوا أغنياء. هذا يضمن احترافية واستمرارية نظام الزكاة، ويجعله مؤسسة قائمة بذاتها لا تعتمد على المتطوعين فقط.

4. شرح الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم (لتقوية المجتمع المسلم)

هذا الصنف يوضح البعد الاستراتيجي للزكاة. “المؤلفة قلوبهم” هم فئات من الناس يُرجى من إعطائهم من الزكاة مصلحة للإسلام والمسلمين. ويمكن تقسيمهم إلى:

  • كفار يُرجى إسلامهم: أو كف شرهم عن المسلمين.
  • مسلمون حديثو عهد بالإسلام: يُعطون لتثبيت الإيمان في قلوبهم وتعويضهم عما فقدوه بتركهم لمجتمعهم القديم.

هذا السهم يعزز من قوة الدولة المسلمة ويفتح القلوب للإسلام. للمزيد من المعلومات حول كيفية دعم المشاريع الدعوية، يمكن الاطلاع على برامج الزكاة في منظمة الإغاثة الإسلامية.

5. شرح الصنف الخامس: وفي الرقاب (تحرير الإنسان)

قديماً، كان هذا السهم مخصصاً بشكل مباشر لتحرير العبيد والأسرى. وفي عصرنا الحالي، يرى العلماء أن له تطبيقات معاصرة واسعة، منها:

  • تحرير أسرى المسلمين.
  • مساعدة من وقعوا في أسر الاتجار بالبشر.
  • فكاك المديونين الذين سُجنوا بسبب عجزهم عن السداد (وهو يتداخل مع صنف الغارمين).

هذا السهم يؤكد على قيمة الحرية في الإسلام ويسعى لتحرير الإنسان من كل أشكال العبودية.

6. شرح الصنف السادس: الغارمون (تفريج كربات الديون)

“الغارم” هو الشخص الذي عليه دين ثقيل لا يستطيع سداده. ويُشترط فيه:

  • أن يكون الدين في أمر مباح (ليس في معصية أو إسراف).
  • أن يكون عاجزاً بالفعل عن سداد دينه.

يُعطى من الزكاة ما يكفي لسداد دينه وتفريج كربته، مما يعيد له استقراره النفسي والاجتماعي ويمنعه من الوقوع في مشاكل أكبر.

7. شرح الصنف السابع: في سبيل الله (أوسع مصارف الزكاة)

هذا أحد أوسع مصارف الزكاة وأكثرها مرونة. المعنى المتفق عليه عند الفقهاء قديماً هو تجهيز الجيوش للدفاع عن بلاد المسلمين. لكن توسع كثير من العلماء المعاصرين في معناه ليشمل كل أعمال الخير التي تعود بالنفع العام على المسلمين ولا يوجد لها مصدر تمويل آخر، مثل:

  • بناء وتمويل المراكز الإسلامية والمساجد في بلاد غير المسلمين.
  • دعم طلاب العلم الشرعي الفقراء.
  • إنشاء المستشفيات والمدارس في المناطق المسلمة الفقيرة.

لمعرفة المزيد حول أوجه الإنفاق ضمن هذا المصرف، يمكنك قراءة مقالنا حول [كيفية حساب نصاب الزكاة لمختلف أنواع الأموال] (رابط داخلي مقترح).

8. شرح الصنف الثامن: ابن السبيل (رعاية المسافر المنقطع)

“ابن السبيل” هو المسافر الذي انقطعت به السبل في بلد غير بلده، ونفد ماله، ولا يستطيع العودة إلى وطنه، حتى لو كان غنياً في بلده.

  • مثال معاصر: طالب يدرس في الخارج وفقد ماله وممتلكاته، أو سائح تعرض للسرقة ولا يملك ثمن تذكرة العودة.

يُعطى من الزكاة ما يكفيه للوصول إلى بلده بأمان. هذا السهم يعكس عالمية الإسلام وأخوة المسلمين التي تتجاوز الحدود الجغرافية.

الحكمة من تحديد مصارف الزكاة

إن تحديد الأصناف الثمانية من الله مباشرة له حِكَم بالغة، منها:

  1. تحقيق العدالة: ضمان وصول المال إلى مستحقيه الحقيقيين.
  2. الشمولية: تغطية جميع جوانب الحاجة في المجتمع، من الفقر الفردي إلى المشاريع العامة.
  3. سد الذرائع: منع الحاكم أو الأفراد من توزيع أموال الزكاة حسب الأهواء والمصالح الشخصية.
  4. تحقيق مقاصد الشريعة: من حفظ النفس والدين والمال والعقل والنسل.

خاتمة

إن فهم مصارف الزكاة بدقة هو الخطوة الأولى نحو أداء هذا الركن العظيم على أكمل وجه. فالزكاة ليست مجرد إخراج للمال، بل هي عبادة تتطلب علماً وبصيرة. باختيارك للمصرف الصحيح، فإنك لا تبرئ ذمتك فحسب، بل تساهم بفعالية في بناء مجتمع متكافل، قوي، ومترابط، تحقيقاً لمراد الله في خلقه. فاحرص على تحري الدقة في إيصال زكاتك إلى واحد أو أكثر من هذه الأصناف الثمانية التي بينها القرآن الكريم.

Scroll to Top